10 كانون الثاني 2011
إن تعزيز العلاقات اليونانية الإسرائيلية مستمر، بعد تبادل الزيارات بين رئيسي الوزراء وبعد زيارات العمل للوزراء اليونانيين "ذروساس و بَبوكيس" إلى تل أبيب، وفي المفكرة الدبلوماسية تتألق الزيارة الرسمية لوزير الخارجية ونائب رئيس الوزراء الإسرائيلي ليبرمان إلى أثينا يوم الأربعاء الثاني عشر من كانون الثاني 2011. إن هذه الزيارة تأتي في وقت لم يتم فيه بعد تجاوز الاحتجاج العالمي ضد الدولة الصهيونية التي هاجمت قبل بضعة أشهر سفن أسطول الحرية، بينما تم إعلان كل من ليبرمان ونتنياهو رئيس الوزراء أشخاصا غير مرغوب فيهم في كثير من الدول تشكل الدول الأوروبية غالبيتها، وأُعْلِنَ أنهم مطلوبون للعدالة لتقديمهم للمحاكمة بتهمة ارتكاب جرائم حرب.
إن رئيس الحزب اليميني المتطرف "إسرائيل بيتنا" معروف بمواقفه الفاشية ليس فقط ضد الفلسطينيين، وإنما أيضا ضد مواطنين إسرائيليين، يقطنون إسرائيل للمساهمة في مواجهة مشكلة العجز الديموغرافي – قادمين من دول فقيرة.
إن أكثر من مليون مواطن إسرائيلي من أصل عربي يواجهون تهميشا واضطهادا خاصا، بنيّة بينة ومعلنة لطردهم. إن التطهير العرقي والعنصرية يشكلان شعارا رسميا له.
كان لليبرمان دور قيادي في الهجوم العسكري قبل سنتين للقوات الإسرائيلية على غزة، والذي أسفر عن قتل أكثر من ألف وخمسمائة فلسطيني أغلبهم أطفال ونساء.
إن حكومة جورج بابَندريو تستقبل اليوم مجرم الحرب ليبرمان مقدمة جملة من الذرائع والحجج الخيالية حول ما يسمى بمخططات للتنمية الاقتصادية، وحول إمكانية الشراكة في استغلال موارد طبيعية.
إن هذه الذرائع تأتي إلى جانب التخطيط لوهم وطني "وجدنا غاز طبيعي"، كما قيل في وقت سابق "بالصدفة في فترات الأزمات" ... "وجدنا بترول أو ذهب"... وهم في الحقيقة يمهدون الطريق لتحالف مخزٍ آخر.
ولكن استغلال الطبيعي "إذا وحينما..." يتطلب ويفترض سياسة سيادة وطنية في إطار القانون الدولي، والبنية التحتية الاقتصادية. في نفس الوقت فإن الاستغلال المشترك بين اليونان وإسرائيل ليس نتيجة لأي تخطيط لـ ΑΟΖ والتي تعني: (الطوق الاقتصادي الوحيد) لليونان، فهذا لا يتفق مع التخطيط الإسرائيلي والذي تم حديثا خارج مياهها الإقليمية بتجاوزها واحتلالها للمياه الإقليمية لغزة فلسطين.
وبالتالي فإن معانقة إسرائيل جوفاء، وأن التعزيز المفاجئ لإسرائيل في المشهد الدبلوماسي اليوناني، يخدم أهدافا أخرى، ويدل ثانية على أن الحكومة اليونانية في كل وعكة لها تبحث عن عكاز أجنبي. وفي هذه الحالة فإن العكاز الأجنبي واهن ومتزعزع دبلوماسيا.
إن كل ما يكتب ويقال في قبرص واليونان عن الرب الميكانيكي الحديث هو موجه للاستهلاك الداخلي ويمثل ذر رماد في العيون.
أخيرا وبما يخص الفائدة الاقتصادية المرتقبة من إسرائيل المبالغ في قدرها الاقتصادي، أو من اللوبي الإسرائيلي مشين السمعة، سيثبت قريبا أن إسرائيل لا تعني إلا القليل.
إسرائيل بلد صغير الحجم اقتصاديا بدخل قومي دون الدخل القومي اليوناني، تحتفظ بشبكة صناعات عسكرية قوية معززة بعدة طرق من الغرب والولايات المتحدة الأمريكية. شبكة لها توجه قوي نحو الصادرات وهدفها الرئيس هو بيعنا أنظمة تسليح وتقنية حربية "مغلقة". إن اللوبي الإسرائيلي ومقره الولايات المتحدة الأمريكية يظهر الآن في الأسواق المالية بوجه الوسيط الحسن، دون أي نتيجة فعلية، كما يرى المتابع لسلوك "دور التقييم" لليونان، والطريقة التي يضغط بها النظام المالي ويشد الخناق على بلدنا.
إن اللوبي الإسرائيلي في العقود الأخيرة، كان وبشكل مطلق عدو للمواقف اليونانية القبرصية. كان ولا يزال متجها نحو تركيا – فلندع الوهم الآن حيث "يغمض لنا عينه" ويَعِدُ بما يستحيل تحقيقه – الأزمة في علاقاته مع تركيا يتباحث حولها، وفي أول تحول مفاجئ وبمجرد ما استقرت العلاقات مع خصمه الحالي سيقوم بالتخلي عنا. إن المعطيات الجيوسياسية والجيواقتصادية تتغير بسهولة وبنفس القدر الذي يتخيله اللاعبون الصغار.
ما زال الركود الاقتصادي في البلد يتربع في القمة، والمسؤول عن ذلك هو "التحالف الغربي" الذي تعشش فيه إسرائيل، وبالتأكيد هي مسؤولية الحكومة اليونانية الحالية والحكومات السابقة، إذ ثبت أنها جميعا لم تكن أهلا للتفكير والتخطيط وخلق نموذج قوي، ثابت، مقاوم ومستديم للتطور الاجتماعي والاقتصادي. مُصرَّة بدلا من ذلك على نموذج الاختطاف الآني، والتورط الواسع وفرص الأرباح السهلة.
الأسباب الحقيقية لتعزيز العلاقات اليونانية الإسرائيلية واضحة. الأوامر التي تأخذها الحكومة من بروكسل وأيضا من واشنطن تجبرها على تطوير هذه العلاقات كي تساهم في كسر إطار العزلة عن إسرائيل وكي يستطيع الطيران الإسرائيلي التحليق في سماء اليونان ليستعد للهجوم على بلدان أخرى غير فلسطين.
أما بالنسبة لنا فإن ليبرمان شخص غير مرغوب به. وسياسة الحكومة الخارجية تجاه إسرائيل غير مقبولة لا أخلاقيا ولا سياسيا ولا من ناحية جيوسياسية، إذ هي قصيرة النظر ومضرة.
إننا ندعو كل مواطن ديموقراطي إلى التجمع للاحتجاج يوم الأربعاء 12- 1 -2011 مقابل البرلمان.